(1)
أصوات و كلمات
( الأشعار .. القصائد )
سلالم روحية ..
سلالم شعور
تربطـُ بعضنا البعض ..
نقرأُ عصارة ذواتهم وكأننا نقرأُ ذواتنا التي نعرفُ ولا نفهم
تربُطـُـنا بإنسانيتنا الشاهقةٍ التي لا نطول ..
التي نودُ لـو نكون
خيوطـُ حبٍ ينسجها الصامتون العاجزون عن البوحِ
وربما المعاقون اجتماعياً..
يُطلقها الغارقون ليتشبثوا بحبالها في الحياةِ ..
فينجو الآخرون بحبال كلماتِهم وهم يموتون
الأشعارُ عقيدة ..
إيمان ..
تختارها بتسليمٍ كاملٍ منك ..
ثم تـُـمارِسُ هي طقوسها وتشريعاتها عليك
فإن أنت آمنت
أصبحت روحك عصفور محلق في كل بقاعِ الأرض يشربُ من نيل مـِصر
و نهرِ السين في فرنسا فالوقتِ الفاصلِ بين رشفتي عطشان ..
إن أنت آمنت
أصبحت مغموراً بالحياةِ حتى الاختناق
لتشرب الحياةَ و تحيا من جديد ..
القصيدة رحلة .. توصِلك لنهايةٍ محددةٍ ..
لك أن لا ترى سوى النهاية
و لك أن ترى كل ما يصادفك فالطريق من حقولٍ ومقابر وأشخاص حتى تصل إلى النهاية
الشعر يـُفقـِدُ الملحدَ عقله فـيجن .. ويزيد المؤمن إيمانا....
( الأشعار المغناة )
كالزواج ..
الأغنياتُ كالزواج قفصٌ جميل ..
مذهبةٌ أطرافة .. صنعَ بدقةٍ و براعة و حب ..
لكنه قفص ..
أشعرُ بانّ الأغنيات الجميلة قصوراً شاهقةً جميلة .. مقننة..
تريك منظرا جميلا وحيدا من شرفة .. ..تحت سقفٍ و أربع جدران ..
لن يتغير المنظرُ بين اليوم والغد ..
حتى أنه وأن التصقت أغنية ما فالذاكرة بجوار حدثٍ أو شخصٍ ما ...
لن تستطيع فصلهما مهما حاولت ولن يتغير عليك الشعور بين اليوم والغد
لذا فإن قررت النسيان و الهرب من حدثٍ أو تجربةٍ أو شخص ..
قاطعِ ( الراديو ) فلا تعلم ما قد يبثه من أغنيات
الأغنيات امرأة عذبةُ اللسانِ و ذكيةٌ أيضاً بما يكفي لتجيد تصفيفَ شعرها وارتداءِ ما يُناسِبُها لتبدو جميلة
الأشعارُ المغناة أشخاصٌ مثلنا جسد وروح..
لها فكر و وجهة و أسلوب و نقاطـُ ضعفٍ و قوة
لا يحب أحدٌ أغنيةً واحدةً طوالَ العمرِ دونَ أن يملها بينَ الحينِ والآخر إلا مواليد العقرب .. والمغتربين
يُحب الأزواج الأوفياء أغنيةً واحدةً طوالَ العمرِ و لكنهم يملونها بينَ الحينِ و الآخر ..في دوائر شوق تخضع لتيار مغناطيسي لخلق شعور صحي فتيّ بين الحين و الآخر
( الموسيقى )
فضاءٌ واسع ..
بوحٌ مشاغب .. مبعثر ..مباغت
الموسيقى هي عندما تنظر إلى عيني صديق تعرفه جيداً وتعرفَ أنّ أمراً ما يحدث معه دون أن تعلم ما هو
الموسيقى مظاهرةٌ مدنية ..
شغبٌ و أعمالُ عنفٍ لمحاربةِ عنف
رفضٌ و صراخ ٌ و حماسة
و عينا فتاةٍ و شابٍ تلتقيانِ بينَ الحشودِ في رغبةٍ سرية لا تشبهُ القضية..
الموسيقى لا ترمي كلَّ أوراقِـها أمامك ..
أنغامها متحررةٌ حد الرهبانية ..
الموسيقى ديمُقراطية الموسيقى تبثُ فيكَ شعوراً ولا تفرِضُ عليكَ (ماهية) ..
(2)
غفلة زمن
(جيتك على غفلة زمن .. هيّا قبل يصحى الزمن
إنهي عذابات الشجن ..) الهوى الغايب – محمد عبده
أشعرُ أحياناً بأن دوران الأرض كمن يحاول نفض جسده بقوةٍ ليتخلص من قذارةٍ ما ..حزنٍ ما ..
فيستمرُ الدورانُ بسرعةٍ متزايدةٍ أملاً في نفضِ الغبارِ عن رؤوسِ البشر
وزعزعةِ دواخل الأمواتِ الأحياءِ منّا لخلقِ نبضٍ كوني في محاولاتِ استمرارِ للحياة
تنقذنا ( مشاغلها و سرعة عجلتها ) من الوقوفِ والتشبثِ بأوجاعِنا حدّ الشلل

و أن ظاهرة شعورنا بانكماشِ الزمنِ وتمدده ..
و كأنه و بين كلّ دورةٍ ..
وقولُ قائلٍ "لعنة" ( بأن الوقت مِشِي بسرعة)
تتسربُ من فراغاتِ الزمنِ تلك الذكريات
وذاك الماضي الذي يسقطُ فجأةً من السماءِ كالماءِ الباردِ على رُؤوسِنا المليئةِ
بالغسيلِ الناشفِ والماضي المنكمش..والحاضرِ الحافل
فيصيبها ببرودُ الخوفِ ورجفةِ الخشوع وبللِ المدامع
( فنعيشُ ذاك الليل الذي يطول.. وتلك الذكرى التي لا نعلمُ من أي بابٍ تسربت
اعتقدنا بأننا أوصدنا إغلاقه )
أو الموت بعد الاصطدام "بالجدارِ الزمني" الشاهق المستحيلِ تجاوزه
لتنهيها حرارةُ - شمسِ الغد - بعد ليلٍ طويلٍ ليس كباقي الليالي
حين تصابُ الثواني باختناقٍ مروريٍ مفاجئ ...في كسوفٍ زمنيٍ .. نصلي أن يجنبنا الربُ أضراره
(3)
تصدير الضحك
يقال بأن كل شخص لديه 7 ضحكات ..
و أقول بأن كل شخص فالعالم لديه 7 ضحكات
إلا الشعب المصري
البهجة و الضحكة التي يصنعها المصريون من الفقر الخام
تذكرني بالألماس البلوري الأبيض و الذي يُخلق من الفحم الأسود
المصريون يصنعون الضحك ليصدرونه بسعر بخس
لشعوب تفتقر إلى تلك المادة الخام
لشعوب تصنع الضحك الصناعي
كلما سمعت نكتة مصرية .. اعتقدت بأنها الأكثر سخرية على الإطلاق
و أنها بجودة لا تضاهى
و لكن تلك المادة الخام .. تزداد تعقيدا و وفرة ورخصا
في ثورة اقتصادية معطاءة و محيرة لا تخضع لأي قانون ومنطق ونظرية
حين تفيض المواد الأولية الخام و تزداد جودتها
وترتفع كفاءة الصناعة و تتوفر الكثير من الخيارات
و تتميز جودة المنتج
و يتم تصديره بثمن بخس في علب تعبئة شديدة القذارة
سيئة النوع و مكسوة بالفحم ..
في اكتفاء ذاتي و تصدير للفقر و الضحك
((أشعر بأن روح المصري كالمارد الفذ الجبار المحبوسة في مصباح صدئ ))
(4)
قولبــة
لطالما كنت أرفض تعميم صفة أو خلق و سيادتها لفئة من الناس ..
قبيلة كانت أو دولة
بالرغم من قناعاتي الدفينة بأثر الجغرافيا و المحيط و التاريخ و الكلمات في كل روح تتكون
و لكنها ازدواجية أمارسها عن سبق إصرار و ترصد
لخلق بيئة استقبال غير مشوشة و العزوف عن خلق
أحكام مسبقة .. لمجرد سماع اسمي أو لهجتي المقعرة و المهذبة بتقنين